"ريفييرا غزة" فكرة موضوعة على ورق البيت الأبيض لم تمت بعد، رغم عدم تداولها منذ الترويج لهال في فبراير الماضي، وقد برزت وثيقة تُفصّل خطط خاصة بقطاع غزة ما بعد الحرب، تهدف إلى تحويل رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى واقع ملموس، وذلك باستخدام النزوح الجماعي، والذكاء الاصطناعي، ووصاية أميركية على القطاع الذي مزقته الحرب لمدة عقد على الأقل.
في شهر فبراير/شباط الماضي، طرح ترامب فكرة سيطرة بلاده على غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد إخلائها من السكان، والذين يمكن حسب تصوره ترحيلهم إلى مصر أو الأردن. هذه الخطة لاقت ترحيباً واسعاً من اليمين الإسرائيلي المتطرف، لكنها قوبلت برفض عربي ودولي واسع، فيما حذرت الأمم المتحدة من خطر "تطهير عرقي" في غزة.
وتُشير التقارير، وفق ما نشرت شبكة CNBC إلى أن إدارة رجل العقارات، ترامب، تدرس الخطة، المُفصّلة في وثيقة من 38 صفحة أعلنت عنها صحيفة واشنطن بوست في البداية.
اقرأ أيضاً: ترامب: يجب على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين من غزة
وتتضمن الخطة نقل سكان غزة "طوعياً" مقابل رموز رقمية، وست إلى ثماني "مدن ذكية تعمل بالذكاء الاصطناعي"، ومركزاً صناعياً يحمل اسم إيلون ماسك.
كما تدعو الخطة إلى إعادة توطين جميع سكان غزة، البالغ عددهم مليوني نسمة، مؤقتاً على الأقل، إما من خلال ما يُسمى بالمغادرة الطوعية إلى بلد آخر، أو نقل السكان إلى مناطق سكنية مؤقتة داخل القطاع أثناء إعادة الإعمار.
إعادة توطين
وُضعت هذه الخطة من قِبل بعض الإسرائيليين أنفسهم الذين يقفون وراء مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المثيرة للجدل، والمدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست، التي كانت أول من نشر التقرير.
وتلقّت مؤسسة غزة الإنسانية، التي يُعلن عن هدفها توفير الغذاء داخل القطاع، انتقادات شديدة من خبراء الأمم المتحدة بزعم "استغلالها لأغراض عسكرية وجيوسياسية سرية، في انتهاك خطير للقانون الدولي".
ولم تستجب وزارة الخارجية والبيت الأبيض فوراً لطلبات CNBC للتعليق.
وصاية أميركية
ستبقى غزة تحت الوصاية الأميركية لنحو عشر سنوات "حتى يصبح نظام سياسي فلسطيني مُصلح ومنزوع التطرف مستعداً لتولي زمام الأمور"، وفقاً للخطة، المُعنونة بـ"صندوق إعادة بناء غزة والتسريع الاقتصادي والتحول"، أو "صندوق GREAT".
وتتعهد الخطة بتحويل القطاع المحاصر منذ فترة طويلة، والذي قُتل فيه أكثر من 60 ألف فلسطيني منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى منتجع سياحي ومركز تكنولوجي متألق.
التنمية وإعادة الإعمار
وتنص الوثيقة على أن "إعادة الإعمار ستزيد أيضاً من قيمة غزة بنحو 324 مليار دولار، وستُحسّن جودة الحياة بشكل كبير". وسيبدأ "صندوق GREAT" بموجب اتفاقية ثنائية مبدئية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وستحتفظ إسرائيل "بالحقوق الشاملة لتلبية احتياجاتها الأمنية"، وفقاً للوثيقة.

اقرأ أيضاً: مقترح ترامب بشأن غزة.. ما هي أبرز ردود الأفعال حتى الآن؟
يزعم واضعو الخطة أنها لن تتطلب أي تمويل أو تبرعات فيدرالية، بل ستُموّل من خلال استثمارات القطاعين الخاص والعام فيما تصفه بـ"المشاريع العملاقة"، من مراكز البيانات ومصانع السيارات الكهربائية إلى الشقق الفاخرة والمنتجعات الساحلية.
وتتوخى خطة التنمية أيضاً استخدام ما يقرب من 30% من أراضي غزة العامة - المؤجرة للصندوق لمدة تصل إلى 99 عاماً، وأي استثمارات كرأس مال أولي وأصول، والتي تزعم أنها تُشكّل قيمة أصول تبلغ 300 مليار دولار مع "تدفقات إيرادات ذاتية التوليد".
إعادة توطين
وفقاً للوثيقة، سيحصل سكان غزة الذين يختارون الانتقال إلى بلد آخر على حزمة إعادة توطين بقيمة 5000 دولار، ودعم إيجار لمدة أربع سنوات، ودعم غذائي لمدة عام واحد. وتفترض الخطة أن 25% من سكان غزة سيختارون مغادرة البلاد، وأن 75% منهم سيختارون عدم العودة.
زعمت الخطة أن هذه الطريقة ستوفر 23,000 دولار على كل فلسطيني يُنقل، مقارنةً بتكاليف دعم من يبقون داخل غزة.
لا تتضمن الوثيقة في أي جزء منها القانون الدولي، أو معارضة الفلسطينيين للنقل الجماعي، أو معارضة الدول العربية الأخرى لهذه الخطة، والتي لطالما طالبت بدولة وحق تقرير المصير للفلسطينيين.
رمز رقمي
"الهدف النهائي" للخطة هو "حكم غزة الذاتي بموجب اتفاقيات إبراهيم" - وهو إطار عمل يُرسي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، على الرغم من عدم وجود أي ذكر لدولة فلسطينية معترف بها رسمياً.
سيحصل سكان غزة الذين يغادرون أراضيهم على "رمز رقمي" من صندوق GREAT Trust مقابل حق تطوير ممتلكاتهم، ويمكنهم "استبدال رموزهم بملكية المساكن المُعاد بناؤها"، وفقاً للخطة.
إدانة للتطهير العرقي
أعلن ترامب لأول مرة عن رؤيته لإقامة "ريفييرا غزة" تحت ملكية أميركية في فبراير، مما أثار إدانةً وصدمةً سريعةً من قادة دوليين، وخاصةً من حلفائه في الشرق الأوسط، كالسعودية والأردن والإمارات العربية المتحدة. واتهمت جماعات حقوق الإنسان إسرائيل بارتكاب تطهير عرقي وإبادة جماعية في غزة، وهي اتهامات تنفيها الحكومة الإسرائيلية بشدة.
اقرأ أيضاً: مبعوث ترامب للشرق الأوسط: إعادة إعمار غزة قد تستغرق بين 10 و15 عاماً
في غضون ذلك، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفكرة ترامب.
قدرت الأمم المتحدة في أبريل/نيسان أن حوالي 92% من المباني السكنية في غزة قد تضررت أو دُمرت منذ بدء الحرب، التي بدأت بعد أن نفذت حركة حماس، التي تحكم القطاع، هجومًا عبر الحدود على إسرائيل أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص.
رفضت حماس، من جانبها، الاقتراح رفضاً قاطعاً يوم الاثنين، حيث صرّح عضو مكتبها السياسي باسم نعيم بأن "غزة ليست للبيع" و"جزء من الوطن الفلسطيني الكبير".

تابعونا على منصات التواصل الاجتماعي